تعتبر الكتب أحد أقدم وسائل التدوين في التاريخ، فمنذ العصور القديمة قام المؤلفين والمفكرين والشعراء والأدباء بتسجيل إنتاجاتهم الأدبية وتدوينها وترتيبها بشكل متسلسل في كتب حفاظاً عليها من الضياع ولتبقى خالدة على مر العصور، وحتى يومنا هذا وعلى الرغم من التطور الكبير الذي وصل ت إليه التكنولوجيا ما زالت الكتب تحظى بأهمية كبيرة، ولكنها أصبحت متوفرة بنسبة قليلة وهو ما دفع العديد من الأشخاص إلى إنشاء نسخ صوتية لكتبهم والتي تعرف بالكتب الصوتية، لكن الكثير من الناس لا يعرفون ما هي الكتب الصوتية، وفي حال كنت من المهتمين في الكتب الصوتية وتبحث عن كيف تسجل كتابا صوتيا، ففي هذا المقال نقدم دليلاً شاملاً يحتوي على طريقة مفصلة عن كيف تسجل كتابا صوتيا، يحتوي على أهم المعلومات التي تغني ثقافتك عن الكتب الصوتية.
ما هي الكتب الصوتية؟
قبل أن نقوم بتعريفك كيف تسجل كتابا صوتيا، لا بد أن نقوم في البداية أن نقدم لك تعريفاً للكتب الصوتية، فالكتب الصوتية هي عبارة عن تسجيل صوتي يقوم الممثلين الصوتيين بعمله للكتب من خلال قراءة وسرد معلومات الكتب، وذلك بهدف إنتاج نسخة طبق الأصل للكتب تسهل على الأشخاص المهتمين بقراءة الكتب ولا يملكون الوقت الكافي لذلك بسماع كتبهم على شكل ملفات صوتية بإمكانهم سماعها في أي وقت وأي مكان أثناء أدائهم لأعمالهم اليومية، كما أن الكتب الصوتية تتيح الفرصة للأشخاص الغير قادرين على قراءة الكتب بسبب إعاقة بصرية أو غيرها بسماع الكتب والرفع من مستوى ثقافتهم.
دور الممثلين الصوتيين في عملية تسجيل الكتب الصوتية
تعتبر قراءة الكتب أحد النشاطات التي تسمح لنا بأن ننقل أنفسنا عقلياً إلى مكان آخر تماماً، حيث أنها تتيح لنا لوهلة إمكانية العيش في قصة أخرى كما تمنحنا مسافة من قصصنا الخاصة، وفي الكثير من الأحيان تكون هذه الوهلة التي نعيشها هي مفتاح الراحة الذهنية والسبيل لإعادة شحن طاقاتنا لمواجهة أحداث حياتنا الحقيقية، لهذا السبب فإن الممثل الصوتي الذي يقوم برواية الكتاب الصوتي المسموع يملك إمكانية عيش شعور عاطفي فريد لا يمكن لجميع القراء تجربته عند قراءة الكتب، فعندما تكون مسؤولاً عن كل شخصية وتفاعل في الكتاب، بالإضافة لكونك تبذل جهداً كبيراً من أجل تجميع كافة عناصر القصة في عالمها الكامل، فإن ذلك سيتطلب منك كممثل صوتي يقوم بتسجيل الكتب الصوتية اعداداً يتجاوز جميع الحدود التي من الممكن تخليها، فالممثلين الصوتيين الذي يقومون بأداء السرد الطويل للكتب الصوتية يعتمدون على استراتيجيات فريدة من نوعها لأداء مثل هذا الخط الصوتي في أعمالهم، وذلك لمنح المستمع للكتب الصوتية فرصة عيش نفس التجربة التي يعيشها الممثل الصوتي عند سرده للكتاب الصوتي، و لإيصال المشاعر والأحاسيس الموجودة في الكتب للمستمعين.
أهمية الكتب الصوتية المسموعة
وجدت الكتب المسموعة طريقها إلى قلوب العديد من محبي الكتب وتزداد شعبيتها بمرور الوقت، وعلى الرغم من أن لعشاق هذه الكتب آراء مختلفة حول أهميتها مقارنة بالقراءة التقليدية للكتب، فالبعض يقول إنها مثل القراءة، والبعض الآخر يختلف ويعتقد أنها مجرد بديل كسول، وعلى الرغم من هذه الآراء المتفاوتة فيما يتعلق بأهمية الكتب الصوتية المسموعة، فإن هذه الكتب تملك أهمية كبيرة ودور هام جداً، وهو الأمر الذي يجعل منها مناسبة للعديد من المواقف، حيث إن أهمية الكتب الصوتية المسموعة يكمن في النقاط التالية والتي سنذكرها لكم بشكل مفصل:
1- تساعد الكتب الصوتية على النطق السليم للكلمات
إن الاستماع إلى الكتب الصوتية بشكل متكرر يلعب دوراً هاماً في تمكين المستمع من تحسين قدرته على النطق السليم للكلمات والطلاقة في الكلام، وذلك يتم من خلال أن تقوم بملاحظة صوت الراوي وطريقة أدائه للكلام، كما أنه بإمكانك أن تقوم بملاحظة تقنية أداؤه للسرد من خلال الانتباه إلى السرعة في القراءة والتوقفات والتوترات في الصوت، فكل هذه الأمور تعتبر من الأمور الأساسية التي تساعدك في إتقان أي لغة.
2- الكتب الصوتية تمكنك من تنظيم وقتك بشكل مثالي
لعل أهم الميزات التي تتمتع بها الكتب الصوتية المسموعة، تكمن في كونها توفر على المستمع الكثير من الوقت وذلك مقارنة مع القراءة التقليدية للكتب، حيث أنه يمكنك أن تقوم بمجموعة متنوعة من المهام التي لا تتطلب منك التركيز خلال استماعك إلى الكتب الصوتية المسموعة، حيث إن عدد كبير من محبي هذه الكتب يحبون الاستماع لها وهم يقومون بأداء نشاطاتهم الروتينية، مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أو تناول الطعام أو المشي.
3- الكتب الصوتية تعمل على تحسين قدراتك كمستمع
إن الكتب الصوتية هي الطريقة المثالية من أجل أن تقوم بتحسين مهارات حسن الاستماع لديك، فمن خلال قيامك لتحليل الصوت أثناء استماعك للكتب الصوتية المسموعة ومحاولتك توقع الحبكات والأحداث، فكل هذه الأمور من شأنها أن تعمل على تحسين قدراتك كمستمع بشكل كبير.
4- تعمل الكتب الصوتية على زيادة حدة التركيز
عند قيامك بالاستماع للكتب الصوتية المسموعة، فإنه يتعين عليك أن تبقى مركزاً بشكل مستمر على الأمور التي يحاول الراوي أن يقوم بإيصالها لك وذلك من خلال طريقة سرده، إلى جانب ضرورة الاحتفاظ بهذا التركيز طوال مدة السرد.
فإذا قمت بفقدان تركيزك ولو لوهلة صغيرة فإنك ستضيع بشكل مؤكد، وفي حالة الكتب الصوتية المسموعة سيكون من الصعب جداً عليك أن تعود إلى الوراء وتعيد الاستماع إلى النقطة التي قمت بتفويتها لضياع تركيزك.
5- تساعد الكتب الصوتية المسموعة على تنمية القدرة على التذكر
توجد في الكتب الصوتية مجموعة كبيرة من الأشياء التي عليك تذكرها خلال فترة استماعك، فعليك دائماً أن تقوم بتذكر أسماء الشخصيات وأهم ما يميزها من صفات، بالإضافة إلى تذكر أسماء الأماكن والحبكات والتسلسل الزمني للأحداث في الكتاب.
فعندما تقوم بالاستماع إلى عدد كبير من الكتب الصوتية المسموعة فإنك ستكون قادراً على ملاحظة أن قدرتك على تذكر مثل هذه التفاصيل الصغيرة سوف تتزايد عما كانت عنه في البداية قبل أن تبدأ في الاستماع إلى الكتب الصوتية، وهو ما سينعكس أيضاً بشكل كبير على قدرتك في تذكر الأشياء ضمن حياتك الواقعية بشكل يومي.
مهارات التسجيل الصوتي اللازمة لتسجيل كتاب صوتي مسموع
تعتبر عملية سرد كتاب صوتي بشكل مسموع من أصعب الأعمال التي يمكنك القيام بها في مجال التعليق الصوتي، حيث إن هذا الأمر يتطلب منك عددًا لا يحصى من المهارات للتنقل بينها بنجاح ، ولكن في حال تمكنت من إتقان المهارات العشر التي سنقوم بذكرها لك الآن، فإنك ستتمكن في تحقيق أداء يعتبره معظم مستمعي الكتب المسموعة أمراً مفروغاً منه، ومن أهم مهارات التسجيل الصوتي اللازمة لتسجيل كتاب صوتي مسموع:
1- القدرة على التعبير
إن القدرة على التعبير وإيصال معاني المفردات الموجودة في الكتاب الذي تقوم بتسجيله تعتبر من أهم المهارات المطلوبة لتسجيل كتاب صوتي مسموع، حيث أن الأشخاص المهتمين بالاستماع لهذا النوع من الكتب يبحثون دائماً عن الأشخاص الذين يمكنهم إيصال المعاني الكاملة عند سردهم للكتب بشكل مسموع.
2- التنفس بشكل سليم
مهارة التنفس بشكل سليم هي من أهم المهارات في مجال التعليق الصوتي بشكل عام، وفي مجال تسجيل الكتب الصوتية المسموعة بشكل خاص، فإذا كنت تريد أن تتعلم كيف تسجل كتابا صوتيا، فإن النقطة الأولى التي عليك التركيز عليها هي التنفس، حيث إن التوقف خلال التسجيل من أجل التقاط أنفاسك قد يقلل من جودة الكتاب الصوتي الذي تقوم بتسجيله.
3- القدرة على إيصال الفكرة من خلال الصوت
لا أحد من الناس يحب الاستماع إلى كتاب صوتي مسجل في حال لم يكن قادراً على فهم المغزى من الكتاب، لهذا السبب يتوجب على المعلق الصوتي أن يقوم بفهم الفكرة العامة للكتاب الذي يقوم بتسجيله حتى يكون قادراً على إيصال الفكرة بدوره إلى المستمع.
4- القدرة على التحكم في العين والدماغ والفم
من المهم أن يكون الممثل الصوتي الذي يقوم بتسجيل الكتب الصوتية المسموعة قادراً على التحكم بحركات العين والدماغ والفم، فخلال عملية التسجيل سيتوجب على الممثل الصوتي أن يوفق بين حركة عينه أثناء القراءة وحركات فمه أثناء الكلام والقدرة على بقاء عقله مركزاً للبقاء مركزاً على الفكرة العامة للكتاب.
5- التناسق أثناء الأداء
يجب على المعلق الصوتي أن يحافظ على التناسق خلال عملية التسجيل الصوتي للكتب المسموعة، وذلك يتم من خلال الحفاظ على نبرة الصوت وطريقة الكلام على سوية واحدة طوال فترة التسجيل.
6- استنتاج التحليلات
يجب على الممثل الصوتي أن يقوم باستنتاج خط السير المنطقي للكتاب من خلال تحليل الفقرات بشكل منطقي.
7- القدرة على التوصيف
من المهم أثناء عملك كممثل صوتي أن تكون قادراً التوصيف بشكل جيد للأحداث التي تجري في الكتاب الذي تقوم بتسجيله، وذلك لجعل المستمع قادراً على عيش كل تفاصيل الكتاب بدقة.
8- الفصل بين الراوي والشخصيات
تعتبر هذه النقطة هي من أهم النقاط عند تسجيلك كتاب صوتي، فيجب عليك دائماً أن تقوم بالفصل بين شخصيتك كراوي للكتاب وبين الشخصيات الرئيسية للكتاب، وجعل الكاتب على عيش القصة من وجهة نظر الشخصيات فقط.
9- القدرة على التحمل
قد يتطلب تسجيل كتاب صوتي مسموع فترة طويلة من الوقت، وهو ما سيتطلب منك كممثل صوتي أن تحافظ على تركيزك طوال هذه الفترة.
10- الاسترسال في الوصف
هذه النقطة تعني أنه يجب عليك أن تعمل بأقصى جهدك حتى تتمكن من إيصال الصورة الصحيحة للمستمع، ويمكن تحقيقها من خلال الاسترسال في توصيف الشخصيات والأحداث بما يتناسب مع خط سير الأحداث.
كيف تسجل كتاباً صوتياً مسموعاً؟
والآن بعد أن تعرفتم على أهمية صناعة التسجيل والكتب المسموعة، ودورها الهام في تنمية قدرات الشخص، سنوضح لكم الخطوات الكاملة حول كيف تسجل كتابا صوتيا، فكل ما عليكم هو اتباع هذه الخطوات حتى تتمكنوا من عيش هذه التجربة بأنفسكم، وهي:
1- ابدأ في التخطيط لعملية انتاج كتابك المسموع
قبل أن تباشر في بدء عملية التسجيل لكتابك الصوتي المسموع، يجب عليك الاطلاع على المعايير التي يجب أن تتوافر في كتابك حتى تتمكن من بيعه للموزعين، ومن أهمها هذه المعايير:
-
يجب أن يكون كل فصل من كتابك ملف MP3 لا تتجاوز مدته 120 دقيقة.
-
يجب أن يبدأ كل فصل بوقف مؤقت ثم إعلان رأسي.
-
يجب أن يقع كل الصوت بين -23 ديسيبل و -18 ديسيبل .
-
يجب أن يكون هناك حد أدنى من الضوضاء والتشوهات غير المرغوب فيها
-
يجب تسجيل الملف بتردد معين وسرعة إرسال للحصول على جودة صوت عالية.
-
جودة السرد لا تقل أهمية عن الأمور الفنية للصوت، حيث أنه لا ينبغي أن يقرأ راوي الكتاب المسموع النص فحسب، بل يجب أن يؤدي ذلك مع الفروق الدقيقة والتأكيد المناسب الذي يقدم قصة أو رسالة الكتاب على أفضل وجه.
2- تأمين الاستوديو للقيام بتسجيل الصوت
ستحتاج الآن إلى تأمين مساحة لتسجيل كتابك، حيث أنه يوجد خياران للمؤلفين المستقلين وهما: بناء استوديو في المنزل أو استئجار مساحة احترافية.
3- الحصول على تجهيزات صوت عالية الجودة
والآن يأتي دور الأدوات، لن تؤثر الأدوات التي تختارها على جودة كتابك الصوتي فحسب، بل ستؤثر أيضًا على سهولة إتمام العمل به، والأدوات الأساسية التي ستحتاجها هي:
-
كمبيوتر.
-
ميكروفون.
-
زوج من سماعات الرأس.
-
برنامج تسجيل الصوت.
4- قم بتسجيل الكتاب المسموع
هذه الخطوة واضحة، سوف تقوم بسرد كل فصل من الفصول في ملف منفصل، ومن ثم تتوقف مؤقتًا في بداية كل فصل لتأسيسه، وتخزينه في مجلد خاص، ستحتاج أيضًا إلى تسجيل الاعتمادات الافتتاحية والختامية (مثل العنوان واسمك كمؤلف وراوي وتفاني الكتاب أو إقراراته)، قد تستغرق هذه العملية بعض الوقت.
5- تحقق من السرد في التسجيلات
بمجرد أن تحصل على التسجيل الأول، حان الوقت للاستماع مرة أخرى وتحسين الصوت والتأكد من تلبية جميع المتطلبات الفنية، وهذه الخطوة أساسية حتى تتأكد بأن عملية التسجيل تتم بشكل مثالي وتضمن عدم وجود أخطاء، وهذه الخطوة تكون بمثابة اللمسة الأخيرة على عملك الصوتي.
وفي الختام، فإن هذه المقالة ستكون بمثابة دليلكم الشامل حول كيف تسجل كتابا صوتيا، وذلك لكون الكتب الصوتية المسموعة تعتبر من أبرز مجالات التعليق الصوتي في يومنا هذا، وذلك لما تملكه من أهمية في تقديم الثقافة للأشخاص الغير قادرين على القيام بقراءة الكتب بشكل تقليدي، مما يلقي على عاتقك كممثل صوتي ضرورة تقديم إنتاجات صوتية ذات جودة عالية تمكن الأشخاص الذين يفضلون الاستماع إلى الكتب الصوتية المسموعة من عيش تجربة مثالية في ممارسة هوايتهم بقراءة الكتب.