عندما يكتسب الدماغ معرفة جديدة، تصبح الروابط بين الخلايا العصبية أقوى، مما يخلق شبكة أكثر قوة ويسمح للخلايا العصبية بالتواصل بسرعة أكبر، وهذا هو مفهوم التعلم، وكلما تدربنا على مهارة أو جزء من المعلومات، كلما أسرعنا في استرجاعها وأصبح الأمر أسهل، حيث أن آذاننا وبشكل خاص عندما نكون تحت الضغط فإننا لا نسمع أنفسنا بموضوعية كما نعتقد، فعندما نقوم بعمل تجارب التسجيل الذاتي لأصواتنا فإننا قد نلاحظ العديد من الأشياء التي لم نتمكن من ملاحظتها عند القيام بعملية التسجيل لأول مرة، وفي حال لم نملك القدرة على سماع أنفسنا بدقة، فعندها لن يكون بإمكاننا الأداء وفقاً للمعايير المهنية أو حل المشكلات في الممارسة، وهنا تكمن أهمية التسجيل الذاتي، ولحسن الحظ، تمكّننا المسجلات الرقمية اليوم من تقييم عملنا بدقة وموضوعية واكتشاف أماكن الضعف والخلل سواء في أصواتنا أو في صياغة النص الذي نقوم بعمل التسجيل الصوتي له، ولكن هل تعرفون ما يجب فعله وما لا يجب فعله في تجارب التسجيل الذاتي؟
وفي هذا المقال من منصة قيمة سنقدم لكم دليلاً شاملاً يضم أهم ما يجب فعله وما لا يجب فعله في تجارب التسجيل الذاتي، بالإضافة إلى الأهمية الكبيرة التي تمثلها هذه العملية ودورها الفعال في عملية تحسين قدراتنا الصوتية.
ما هي تجارب التسجيل الذاتي؟
تجارب التسجيل الصوتي الذاتي هي عبارة عن عمليات تسجيل لمقاطع صوتية مختلفة، يقوم بتسجيلها المعلقين الصوتيين في الاستوديوهات الخاصة بهم حتى تتمكن من مساعدتهم في سماع الطريقة التي تبدو بها أصواتهم في التسجيلات الصوتية، فالمعلقين الصوتيين المحترفين يقومون باستمرار بالقيام بتجارب التسجيل الذاتي من أجل اكتشاف الأخطاء التي قد يقعون فيها أحياناً، والعمل على تصحيحها والتدرب عليها بشكل مكثف لتفادي أي خطاً من الممكن أن يقع في عمليات التسجيل الصوتي القادمة.
ومن الممكن أن يقلل بعض الأشخاص من قيمة هذه العملية، إلا أنها ودون أدنى شك أمر في غاية الأهمية، فسواء كنت معلقاً صوتياً مبتدئاً أو محترفاً، فعليك باستمرار القيام بتجارب التسجيل الذاتي للتطوير من مهاراتك وصقلها.
ماذا يحدث في تجارب التسجيل الصوتي الذاتي؟
إن تجارب التسجيل الذاتي تتم بطريقة مشابهة تماماً لعمليات التسجيل الصوتي الحقيقية، حيث يعمل المعلقين الصوتين في هذه التجارب في أماكن التسجيل الخاصة بهم، ويقومون باستخدام نفس المعدات التي يسجلون فيها أعمالهم الصوتية.
أما عن محتوى هذه التسجيلات، فيقوم المعلقين الصوتيين خلالها بالتدرب على تسجيل أنماط صوتية مختلفة وبطبقات صوتية مختلفة، بهدف تدريب أصواتهم وحبالهم الصوتية على أنواع التعليقات الصوتية المختلفة، والتي من شأنها أن تساعدهم في صقل مهاراتهم وسد نقاط الضعف لديهم، كما أنها في بعض الأحيان قد تفتح الباب أمامهم لأعمال تعليق صوتي جديدة لم يكونوا قادرين على أدائها مسبقاً.
كما أن بعض المعلقين الصوتيين المحترفين يقومون في بعض الأحيان خلال تجارب التسجيل الذاتي بتجربة بعض المعدات الجديدة التي لم يستخدمونها من قبل من أجل رؤية النتائج من استخدامها، وفي حال كانت نتائج التسجيل الذاتي جيدة، فعندها سيكون بإمكانهم استبدال بعض أدواتهم التي يقومون باستخدامها عادة بأدوات جديدة أكثكر تطوراً والتي من شأنها أن تساعدهم في إنتاج أعمال صوتية ذات جودة أعلى وعلى مستوى عالِ من الاحترافية.
أهمية التسجيل الصوتي الذاتي:
تعتبر عملية التسجيل الصوتي الذاتي على أنها أحد الجوانب المهمة للممارسة الفعالة، حيث أن هذه العملية تملك أهمية كبيرة في مجال التعليق الصوتي، فكما ذكرنا فهي تتيح للمعلقين الصوتيين الفرصة لاكتشاف الأخطاء والعثرات التي يقعون بها في بعض الأحيان، لهذا السبب دعونا نتعرف على أهم النقاط التي تتجلى فيها أهمية التسجيل الصوتي الذاتي:
1- تساعدك في اكتشاف كيف يبدو صوتك حقاً
تساعد تجارب التسجيل الذاتي المعلق الصوتي في معرفة كيف يبدو صوته عند القيام بعمليات التسجيل الصوتي، ففي بعض الأحيان قد يتفاجأ بعض المعلقين الصوتيين في حقيقة كيف يبدو صوتهم عند القيام بعملية التسجيل وذلك لأن الطريقة التي تبدو بها أصواتهم بالنسبة لهم ليست بنفس الطريقة التي تبدو بها للآخرين.
2- تمكن المعلق الصوتي من تقوية نقاط الضعف في صوته
لعل الشيء الأفضل في تجارب التسجيل الصوتي الذاتي هو أنه لا يكذب، حيث يمكن للمعلق الصوتي سماع كل نغمة صغيرة لم تخرج بشكل مثالي، وكل تطور في الوتر الضائع، وكل إيقاع متخلف هناك في العراء، مراراً وتكراراً، ومن ثم العمل بشكل جدي على تقوية هذه النقاط وتجنب الضعف فيها، فعندما يقوم المعلق الصوتي بتسجيل ذاتي، فعندها سيتمكن من الحصول على صورة صادقة لصوته.
3- تمنحك تجارب التسجيل الذاتي القدرة على تقييم الصوت عند سماعه
ربما توافق على أن معظم الوقت الذي تقضيه في التدريب مخصص لتقييم والاستماع والبحث بنشاط عن المشكلة التالية التي تحتاج إلى إصلاحها، حيث يعد هذا أمراً رائعاً لإجراء تحسينات ثابتة، وهو من أكثر الأمور التي تجعل المعلقين الصوتيين المحترفين يولون اهتماماً لتجارب التسجيل الذاتي وذلك للدور الكبير الذي تلعبه في تمكينهم من تحسين قدراتهم.
4- تمكن تجارب التسجيل الذاتي المعلق الصوتي من متابعة التقدم المحرز الخاص به
نظرًا لأن المعلق الصوتي يكون يوميًا مع نفسه، فمن الصعب أحيانًا معرفة ما إذا كان يتحسن أم لا، وهنا تكمن أهمية التسجيل الصوتي الذاتي، حيث يمكن للمعلق الصوتي تسجيل المقاطع الصوتية في أي مرحلة، ومع ذلك ومن أجل تتبع التقدم، غالبًا ما يكون من المفيد تسجيل المقاطع الصوتية التي يعمل عليها المعلق والتي يمكنه تشغيلها بالكامل بالفعل، ففي كل مرة يمارس المعلق الصوتي فيها هذه العملية ويقوم بتسجيل المقاطع لنفسه، فعندها بعد بضعة أسابيع سيتمكن من العودة والاستماع إلى تسجيله القديم، وعندها قد يتفاجأ بمدى التقدم الذي قام بإحرازه في الفترة الأخيرة.
أهم النصائح التي يجب اتباعها عن القيام بتجارب التسجيل الذاتي
بعد أن تعرفنا على الدور المهم الذي تلعبه تجارب التسجيل الذاتي في مجال التعليق الصوتي، فلا بد لنا من أن نعرفكم على بعض الأمور والنصائح التي لا يجب الاستغناء عنها في تجارب التسجيل الذاتي، والتي من شأنها أن تساعدكم في إحراز تقدم خلال عملية التسجيل الصوتي الذاتي، حيث يمكن تلخيص هذه النصائح في النقاط التالية:
-
عند القيام بتجارب التسجيل الصوتي الذاتي عليك القيام بتجربة طبقات مختلفة من صوتك أثناء عملية التسجيل، وذلك حتى تتمكن من التعرف على الطبقات التي تتقنها بشكل صحيح والطبقات التي تقع فيها ببعض الأخطاء.
-
أثناء القيام بعمليات التسجيل الصوتي الذاتية قم باستخدام نفس الأدوات التي تقوم باستخدامها عادةً في عملية التسجيل الصوتي وذلك حتى تتمكن من الحصول على نفس التجربة والعمل على تحسينها وسد نقاط الضعف فيها.
-
عند الانتهاء من عملية التسجيل الصوتي الذاتي قم بالاستماع بتمعن وبدقة شديدة على التسجيل الذاتي لصوتك وذلك حتى تتمكن من تحديد نقاط الضعف في صوتك بكل دقة والعمل على تحسينها.
-
عندما تقوم بالاستماع لتجارب التسجيل الذاتية يجب عليك أن تقوم بتقييم صوتك بكل تجرد وذلك حتى تتمكن من تحديد الطبقات التي يوجد فيها خلل والتي من شأنها أن تقلل من جودة تسجيلاتك الصوتية.
-
النقطة الأخيرة التي يجب عليك التركيز بها خلال قيامك بتجارب التسجيل الذاتي هي التركيز على صياغة النص الذي تعمل على تسجيله وذلك من أجل تحديد مواضع الخلل في الصياغة والعمل على تحسينها في النص المكتوب، وهذه النقطة مهمة لكونها قادرة على تحسين جودة تسجيلاتك الصوتية بشكل كبير.
أبرز الأمور التي يجب فعلها عند القيام بتجارب التسجيل الصوتي لذاتي
والآن حتى تكون قادراً على إنشاء تجارب تسجيل ذاتي مفيدة ومساعدة لك في تحسين قدراتك الصوتية، إليك مجموعة من أهم الأمور التي يجب عليك التركيز بها وفعلها خلال تجارب التسجيل الذاتي، وهي:
- قم بالتأكد من أن الإضاءة جيدة
بإمكانك أن تقوم بتقديم أفضل أداء في حياتك، ولكن في حال لم تتمكن من رؤية وجهك، فعندها لن تكون قادراً أبداً على رؤية حركات وجهك وفمك خلال تجارب التسجيل الصوتي الذاتي، فإن رؤية تفاصيل وجهك خلال الكلام تساعد بشكل كبير باكتشاف مواقع الخطأ التي تقع بها.
- قم بالتحقق من صوتك
أحد أكبر الأمور التي يجب عليك الانتباه لها هي أن تجعل صوتك مسموع بشكل جيد، إلى جانب الانتباه إلى النطق الواضح والصحيح للكلمات حتى تتمكن من معرفة نقاط الضعف عند سماعك للتسجيل، و لتتمكن من معرفة أماكن الخطأ التي تقع بها باستمرار.
- قم بالوقوف أمام خلفية صلبة
لا يجب عليك إهمال هذه النقطة أبداً خلال عمليات التسجيل الصوتي الذاتي، سواء كان ذلك جداراً عادياً أو خلفية منبثقة أو حتى ملاءة معلقة خلفك، لا شيء يصرف الانتباه أكثر من رؤية الفوضى في الخلفية، وهي تعتبر العامل الأكثر الذي قد يشتت تركيزك.
- احصل على مستمع كلما أمكن ذلك
من الأفضل دائمًا وجود شخص في الغرفة حتى يقوم بمساعدتك أثناء سماع التسجيل الصوتي الذاتي ومشاركتك رأيه في تحديد نقاط الضعف في صوتك بكل شفافية، ففي حال كنت تستمع لوحدك فمن الممكن أن تسقط منك بعض الهفوات في صوتك أو قد تتجنبها عن قصد.
- قم ببعض التمارين من أجل الإحماء
مارس بعض تمارين الإحماء التي من شأنها أن تقوم بتحسين جودة صوتك أثناء عملية التسجيل الذاتي وذلك من أجل الحصول على أفضل تجربة وأفضل النتائج المرجوة من هذه العملية.
أبرز الأمور التي يجب تجنبها عند التسجيل الذاتي
بعد التعرف على أهم الأمور التي عليك فعلها للحصول على نتائج جيدة من تجاربكم الصوتية الذاتية، إليكم الآن مجموعة من الأمور التي عليك تجنبها أثناء تجاربكم، والتي من شأنها أن تقلل من الفوائد المرجوة من هذه العملية، وهذه الأمور هي:
1- لا تقم بقراءة السطر الأول من البرنامج النصي
في حال كان بإمكانك حفظ سطورك المثالية، ولكن إن لم يكن لديك الوقت وكان المشهد الذي تعمل عليه طويلاً، فعندها من الجيد تمامًا أن يكون لديك فهم جيد للخطوط والنية، ثم حافظ على الإمساك بالنص وابقاؤه أمامك حتى تتمكن من الرجوع إليهم عند الحاجة.
وعلى الرغم من ذلك، لا بد لك أن يكون السطر الأول في نصك محفوظًا تمامًا، لأنك تريد أن يكون انطباعك الأول هو الرؤية الكاملة لوجهك وعينيك، وليس مخفيًا خلف ورقة.
2- قم بتجنب الحركات الغير ضرورية
من الممكن أن تؤدي الحركات الغير ضرورية إلى تشتيت الانتباه وضياع الطبقات الصوتية والتركيز، لهذا السبب لا تقم بأي حركات عند التسجيل في حال لم تكن ضرورية.
3- لا تقم بالتعديل على النص خلال التسجيل
من السهل جدًا في تجارب الأداء الصوتي الذاتي أن تأخذ بداية المقطع 1 ونهاية المقطع 2 وتقوم بتعديلها معاً، ولكن عند التسجيل، من المهم أن يكون كل مقطع لقطة واحدة مستمرة، ومع ذلك، قم بتحرير بداية ونهاية تشغيل التسجيل وإيقاف تشغيله، حيث أنه يجب أن يبدأ التسجيل بشخصيتك بالفعل.
4- لا تفرط في التفكير في الأمر
قم بتجهيز معداتك وابدأ بعملية التسجيل الذاتي بشكل طبيعي تماماً كما يجب عليك الابتعاد عن التفكير في الأخطاء التي من الممكن أن تقع بها وذلك حتى لا تقع بها بالفعل.
5- لا تدقق كثيراً على الأمور الفنية
اعتمد على موهبتك ولا تكن ملتزماً بالأمور الفنية، ففي بعض الأحيان تكون الموهبة هي السبب الرئيسي خلف الأداء الجيد.
وفي الختام، لا بد من معرفة أن عملية التسجيل الذاتي تعتبر مهمة لجميع الأشخاص الذين يعملون في مجال التعليق الصوتي وذلك لكونها تساعدهم على تحسين قدراتهم الصوتية وصقلها حتى يتمكنوا من الوصول إلى أفضل المستويات وأعلى درجة من الخبرة والإتقان في مجال الفويس أوفر، وبهذا نكون قد قدمنا لكم دليلاً شاملاً يضم ما يجب فعله وما لا يجب فعله في تجارب التسجيل الذاتي، والمعلومات التي قد تساعدكم لتقوية مهاراتكم في مجال التعليق الصوتي.