النص التدريبي الجديد لهذا الأسبوع هو من البودكاست، اخترنالكم النص من كلمات الأديبة الشاعرة الفلسطينية هبة أبو ندى
الأداء هنا سيكون هادئًا بأسلوب سردي، وأحببنا أن يكون النص طويلًا هذه المرة ليكون تحديًا جديدّا لكم لإبراز أصواتكم
ولا تنس أن تستمع إلى التسجيل المرجعي في الفيديو أعلاه
نص تدريبي رقم23: الوطن
ستبقى علاقة الجنود بهذهِ الأرض هكذا دائَما، جنديٌ لقيطٌ من وراءِ النهر، ومن نكرةِ الكلمات، ومن كراهية الصفيح، مدجج بكلِّ شيء حتَّى بخريطة الطريق في مدينة تعرِّف الطرقُ فيها عن نفسها، سيبقى غريبًا مصفحًا معلبًا مسلَّحًا في مدينة مفاتيحُ أبوابها الحب والأمان.
قالَ له الكاذبون أنَّ لهُ وطنًا هناك فاذهب واقتل الناس واهدم البيوت واقطع الطريق واحمل سلاحَك واصنع وطنك، أعطوهُ جواز سفرٍ وهوية وعلمًا ونشيدًا وطنيًا وتاريخًا بلاستيكيا وخريطة تنكرُ نفسها بينَ الدول، أعطوه كلَّ شيءٍ يمكن أن يكوِّن الوطن، إلا الوطن نفسه!
وطنًا كالثياب يمكن أن تخلعهُ وترميه متى ضاق على مقاسك، وطنًا بالعنوة!
ولكن الأوطان ليست ثيابا الوطن تحت الجلد وبين المسام وفي العظام وداخل خلاياك وجزءا من الأصابع وذائبا في الدم وعابرا للجينات والأجيال، كيف تزيف جيناتك وكيف تغير دماءك وكيف تخلع جلدك؟
الأوطان الحقيقية لا تُصنع ولا تشكِّلها الأسلحة ولا تُمنحَ للآخرين.
وفي وطنك الحقيقي لا تستيقظُ من النوم لتلبس حذاءك العسكري وجعبتك وتطاردُ الناسَ في الشوارع وتصطاد لغاتَهم وأسماءهم الحقيقية لتمنح اسمكَ المزيف حقًا فيه.
الوطن هو ركعةٌ آمنة على الرصيف، كوبُ شايٍ في الصباح مع من نحب، سيرٌ طويل بلا أحذية على شاطئ البحر، غرقٌ في النوم تحتَ شجرة في الجبال، وصفُّ دراسي لا يتعلم فيهِ الأطفال ما هو الوطن بل يتبادلونه بينهم أحاديثَ وطعامًا وألعابا وثيابًا وشجارَا.
الوطن هو أن تشعرَ بالأمان بين مليون جندي وأنت أعزل وأن يشعرَ المحتلُّ بالخوف بينَ مليون جنديٍ مسلح ورجلٍ أعزل يصلي.
الوطن أن لا تكونَ طريقتك الوحيدة في السير فيه هيَ السلاح!
الوطن لا يُمنح ولا يصنع، الوطن هو نحن، ونحنُ الوطن فابحثوا عن كناية أخرى في خرائط غير مأهولة بالحب والناس.
شاركونا تسجيلاتكم على مجتمع قيمة على تليجرام من هنا
مع منصة قيمة فويس، أطلقوا العنان لأصواتكم!